أهمية الغذاء لجسم الإنسان وحاجته إليه
تنبع أهمية الإغذية ، مثل اللحوم بأنواعها والحبوب والبقول والخضار والفواكه، من احتوائها على العناصر الغذائية اللازمة لانتاج الطاقة ، وللقيام بعمليات البناء والنمو والتكاثر وصيانة الأنسجة التالفة . ونظرا لعدم قدرة جسم الإنسان على تصنيع هذه العناصر الغذائية، أو عدم قدرته على تصنيعها بكميات كافية ، كان لزاما على الإنسان الحصول على هذه العناصر من خلال الغذاء.
وتنقسم العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان إلى مجموعات ست رئيسية وهي: الماء والسكريات (الكربوهيدات) والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن ، وفيما يلي نبذة مختصرة عن هذه المغذيات واهميتها لصحة الإنسان وسلامته:
(1) الماء :
عنصر غذائي ضروري للجسم وله وظائف حيوية متعددة ويشكل الدعامة الرئيسة لحياة الإنسان وبقائه. والماء يشكل نسبة عالية من تركيب الخلايا والأنسجة الحية، وهو من الناصر الغذائية المنتجة للطاقة على الرغم من أهميته لجميع عمليات تمثيل الغذاء وانتاج الطاقة ، ولذلك كان لا بد من تناوله باستمرار، حيث يحتاج الإنسان البالغ إلى حوالي 3-4 لتر ماء كل يوم.
(2) السكريات (الكربوهيدات) :
وهي مركبات عضوية تتكون من عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين، وهي تقسم إلى أنواع عدة نظرا لتوفرها في أنواع كثيرة من الأغذية . وتنبع أهيمة السكريات ، وخاصة الذائبة منها، من كونها المصدر الرئيسي للطاقة في غذاء الإنسان ، والكثير من الحيوانات المجترة.
بينما تشكل الكربوهيدات غير الذائبة ، والتي تعرف بالألياف الغذائية ، والمصدر الرئيسي للطاقة في الحيوانات المجترة وآكلة الأعشاب ، كما تلعب دورا هاما في المحافظة على صحة الإنسان وحيويته من خلال منع الإصابة بأمراض الإمساك وداء الأمعاء الردبي وسرطان القولون.
(3) الدهون :
وهي مركبات عضوية تحتوي على عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين ، وتكمن أهميتها في دورها في تزويد الجسم بالطاقة الحرارية التي تبلغ ضعف الطاقة المأخوذة من السكريات. كما تكمن أهمية الدهون في احتوائها على الأحماض الدهنية التي يحتاجها الجسم ولا يستطيع تصنيعها والتي تدخل في بناء الخلايا وتركيبها. وتحتوي الدهون بالإضافة إلى ذلك الفيتامينات الذائبة في الدهون، والتي تقوم بدور عامل في بناء أنسجة الجسم مثل شبكة العين والعظام ، وفي المحافظة على نضارة الجلد وتماسكه.
(4) البروتينات:
والبروتينات مركبات عضوية كبرة تتكون من وحدات بناء نيتروجينية تعرف بـ " الأحماض الأمينية " ، وتتميز البروتينات باحتوائها على عنصر النيتروجين الذي يميزها عن الكربوهيدات والدهون. وللبروتينات دور هام وأساسي في بناء الأنسجة وصيانتها ، وفي تجديد التالف منها، كما تستخدم البروتينات في إنتاج الطاقة في حال نقص الكربوهيدات في الغذاء وعند وجود فائض من البروتينات يزيد عنه احتياجات الجسم للبناء والصيانة.
(5) الفيتامينات:
مجموعة من المركبات العضوية المعقدة في تركيبها ، ويتطلبها جسم الإنسان بكميات قليلة نسبيا، وهي ضرورية لصيانة نمو الجسم ووقايته من الأمراض . وهي تقسم إلى مجموعتين كبيرتين : الفيتامينات الذائبة في الماء والفيتامينات االذائبة في الدهون.
(6) العناصر المعدنية :
وهي تشكل 4% من وزن الإنسان ، ويتطلب الجسم بعض العناصر بكميات كبيرة نسبيا وتسمى العناصر الكبرى، ويتطلب الجسم بعضا منها ولكن بكميات صغيرة نسبيا وتسمى العناصر الصغرى أو النزرة . وتلعب العناصر المعدنية دورا هاما في تنشيط التفاعلات الحيوية داخل الجسم وفي تنظيم سوائل الجسم وتنظيم التوازن الحامضي – القاعدي فيه.
الباب الثاني
نظرة الإسلام إلى الغذاء والتغذية
لما كانت الزراعة ضرورية لتوفير الغذاء وتأمين احتياجات الإنسان منه، فقد حث الإسلام على الاهتمام بالزراعة باعتبارها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد القوي وتأمين الحياة الكريمة، وباعتبارها المصدر الأساسي والرئيس في توفير الغذاء ، فقال صلى الله عليه وسلم : "لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة". رواه مسلم عن جابر بن عبدالله، وقال عليه الصلاة والسلام : " إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل " رواه أحمد عن أنس بن مالك.
كما حث الإسلام على تنمية القطاع الزراعي وزيادة رفعته من خلال حثه على إعمار الأرض البوار واستصلاحها بالزراعة ، فقال عليه الصلاة والسلام : " من أحيا أرضا ميتة فهي له" ، رواه الترمذي عن جابر بن عبدالله، كما نهى الإسلام عن كل ما يؤدي إلى الضرر بالقطاع الزراعي ويتسبب في الإخلال بالأمن الغذائي ، فقال عليه الصلاة والسلام : "من قطع سدرة صوب الله رأسه بالنار" ، رواه أبو داوود عن عبدالله بن حبشي. ()
وقد أشار القرآن الكريم على هذا المعنى من خلال نهيه عن الفساد والإفساد في الأرض، والذي يتضمن الإضرار بالثروة الحيوانية والنباتية ، فقال تبارك وتعالى: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} البقرة (205).
ونظرا لما يتطلبه الحصول على الغذاء من بذل للجهد والوقت ، ولما يحتاجه ذلك من تطوير لأساليب العمل والإنتاج والتصنيع، ومنه الإنتاج والتصنيع الزراعي، فقد حث الإسلام على العمل والاحتراف والكسب الحلال الطيب، لقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح" رواه أحمد عن أبي هريرة ، وقال عليه الصلاة والسلام حاثا على الأكل من كسب اليد الحلال: " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" ، رواه البخاري. كما دلت الآية الكريمة على ضرورة السعي في طلب الرزق والسير في الأرض وبذل الجهد في سبيل تأمين الرزق ، فقال جل من قائل: { هو الذي جعل الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك (15).
وقد حث الإسلام أتباعه على الانتفاع بما خلق الله لعباده من الطيبات بغية التعرف على نعم الله وعطاياه ، والتي من أظهرها أنواع الطعام المختلفة ، قال جل وعلا : { ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش، قليلا ما تشكرون} الأعراف (10)، وقال عز من قائل : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} البقرة (172) .
كما حرم الإسلام على أتباعه حرمان أنفسهم من التمتع والتلذذ بطيبات ما أحل لهم من الرزق فقال جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} وبين أن في ذلك تعديا على حدود الله وتجاوزا لأوامر ، فقال جل وعلا في آخر الآية : { ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين} المائدة (87) . وقال جل من قائل: { وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون} المائدة (88). وفي الربط ما بين التقوى والأكل من رزق الله دليل واضح وصريح على ضرورة الالتزام بمنهج الله وتطبيق أوامر واجتناب نواهيه، فيما يتعلق بالحصول على الغذاء وتناوله ، والتأكيد على ضرورة الحرص على الحلال وتجنب الحرام، لما لذلك من تأثير كبير على حياة الإنسان وسلوكه ومعاشه.
ويظهر اهتمام الإسلام بالغذاء من كونه يشكل مع قضية الأجل القضية المحورية والعمود الفقري في حياة الإنسان، وتبلور أفكاره وتبديد هواجسه، وكثيرا من الحروب الأزمات النزاعات والخلافات في العالم سببها اقتصادي أو نتيجة لأزمة غذاء.
الباب الثالث
فلسفة التغذية في الإسلام
إن الإسلام قد ربط كل عمل يقوم به المسلم في حياته بغاية عظمى وهدف سام يعيش له المسلم ويحيى من أجله، ألاوهو تحقيق العبودية لله عز وجل، { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ب العالمين} الأنعام (162). { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} البينة (5).
والتغذية شأنها شأن أي مفردة من مفردات حياة الإنسان المسلم غايتها التقوي على طاعة الله والاستعانة بهذا الغذاء في توفير الطاقة اللازمة للجسم وللمحافظة على صحته بما يضمن بقاءه واستمراره على تأدية الواجبات والقيام بحقوق العبودية لله عز وجل واعمار الأرض وفق منهج الله.
وهذا ما دل عليه أحد السلف الصالح رضوان الله عليهم : " إني لأحتسب لله أكلتي وشربتي كما أحتسب نومتي وقومتي" . وقد كان لهذه الفلسفة الأثر الكبير في ترشيد نظرة المسلم للغذاء وترشيد التعامل معه، فهو يعتبره وسيلة لا غاية يجهد من أجلها وفي سبيل تحقيقها إشباعا لرغباته وشهواته نفسه ، وهو بذلك يضمن لنفسه أن يجنبها غوائل الإسراف والتبذير في طلب الطعام وتناوله ويكون بذلك أيضا قد أعفى نفسه من الكثير من المشاكل الصحية .
وفي هذا المعنى يصدق حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار، وتعس عبد القطيفة ، تعس عبد الخبيصة ( وهي نوع من أنواع الطعام) ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش" ، وبما أن الإسلام قد أوجب على اتباعه حفظ أجسامهم وتجنبها كل ما يؤذيها ويلحق الضرر بها { ولا تقتلوا أنفسكم ، إن الله كان بكم رحيما} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار" ، فقد أصبح تباعا من الواجب شرعا على المسلم أن يعتني بغذائه وأن يحرص على تلبية احتياجات جسمه من جميع العناصر الغذائية التي يضمن توفرها الإبقاء على الجسم صحيحا سليما بعيدا عن الأمراض، وكذلك الحرص على تجنب الأغذية الضارة التي تسبب المشاكل الصحية والأمراض للجسم.
الباب الرابع
إسهام الحضارة الإسلامية في مجال علوم الغذاء والتغذية
لقد انعكست نظرة المسلم إلى الغذاء على حياة العرب في صدر الإسلام ، إذ لم يهتم العرب كثيرا في تحسين وتطوير أطعمتهم ، ولم يعرف عنهم التفنن في ذلك، بل سلكوا أسلوب التقليد للأمم والشعوب الأخرى التي دخلت الإسلام فيما بعد، فكان أن تعرف العرب على تقاليد هذه الأمم والشعوب في تحضير الأطعمة والوجبات، وكان أن انتلقت إليهم العديد من الأكلات والطبخات التي ما زالت تحتفظ بأسمائها غير العربية حتى يومنا هذا ، مثل : الكباب والبرياني والقوزي والبرغل والطرشي والشركسي والكشري والمعكرونة وغيرها من الأطعمة والإغذية.()
ومع مرور الوقت، واتساع رقعة الأقطار الإسلامية ، أصبح لدى علماء المسلمين اهتماما متزايدا في تدبير الأطعمة وعاداتها وآدابها، فكان أن ظهرت بعض الكتب التي تهتم بهذا الشأن ، مثل كتاب (الولائم) لشمس الدين محمد بن علي بن طولون الدمشقي (1475-1546) ، وكتاب ( آداب الأكل) لابن عماد الأفقهبي (1349-1405) ، وكتاب (تدبير الأطعمة) للكندي (801-856) .()
الاعتدال والإسراف:
ولم يقتصر اسهام الحضارة الإسلامية على تدبير شؤون الغذاء وعاداته فحسب، بل كان لها الأثر الأبرز في تطوير المفاهيم الغذائية والتغذوية والصحية ، وفي تكوين السلوك التغذوي السليم وإبراز الغذاء كعامل مهم في صحة الإنسان ، وهو ما كان يشكل سبقا حضاريا وإعجازا علميا يؤكد صدق النبوة والرسالة المحمدية.
فقد حثت آيات القرآن الكريم على عدم التبذير والإسراف في تناول الطعام، وعلى سلوك منهج التوسط والاعتدال في كل شؤون الحياة، فقال جل وعلا: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} البقرة (143) ، وقال عز من قائل: { وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} الرحمن وأفردت آيات القرآن الكريم مساحة خاصة للغذاء ، فقال عز وجل: { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين} الأعراف (31) . وقد وردت في السنة النبوية الأدلة الموجهة الى النهي عن الإكثار والإفراط في تناول الطعام والشراب، فقال صلى الله عليه وسلم : " ما ملأ ابن آدم وعاء من شر من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده، فإن كان لا بد فاعل فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"
ودلت دراسات العلم الحديث على أن السمنة الناجمة عن الإفراط في تناول الطعام تعد من أخطر أمراض العصر، إذ ينشأ عنها العديد من الأمراض التي تهدد حياة الإنسان وتعرضه للهلاك مثل أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والنقرس، وهذا ما يؤكد صحة المقولة المأثورة : " المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء".
كما جاءت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة بتخصيص ذكر الأطعمة كاللحوم والتمر والعسل واللبن وتبيان أهميتها وفائدتها الصحية والتغذوية ، فقال جل وعلى مبينا أهمية العسل الصحية : { فيه شفاء للناس} النحل ( 69) ، وقال صلى عليه الله عليه وسلم منبها إلى أهمية التمر الغذائية : " بيت لا تمر فيه جياع أهله" رواه مسلم وأحمد ، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا شرب اللبن (الحليب) قال : " اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، وكان إذا أكل أو شرب غيره من الأغذية قال : " الله بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه" .
وكانت المعالجة بالأغذية للأمراض من أهم أسس العلاج الطبي لكثير من الأمراض في المستشفيات في الحواضر الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي. () ، وجاء تخصيص الأغذية في كتب الأطباء المسلمين ، كالرازي (850-932) وابن سينا (980-1037) ، وقد لخص ابن سينا كتاب (القانون في الطب) في منظومته المشهورة " الأرجوزة في الطب) والتي أظهر فيها اهتمامه الكبير بالأغذية والمعالجة بها، ومن الأمثلة على الكتب الأخرى التي ألفها العلماء المسلمون في التغذية كتاب (الأشربة) لابن ماسويه (777-857) وكتاب (تدبير الأصحاء بالمطعم والمشرف) لحنين ابن اسحق (809-873) و(الارجوزة في الحميات) لابن عزروت و (الأرجوزة في الأغذية والترياق) للسنان الدين ابن الخطيب (1313-1375).
الفصل الثاني
أحكام الأغذية (الأطعمة والأشربة) في الإسلام
الباب الأول
أحكام الذبح وآدابه
عني الإسلام بوضع الأحكام الشرعية التي تنظم عملية الذبح للحيوانات التي يحل أكل لحومها ، لما لعملية الذبح من تأثير كبير على صحة وسلامة هذه اللحوم ، وما ينتج عن ذلك من تأثير كبير على صحة الإنسان ، ولقد حققت الشريعة الإسلامية سبقا حضاريا بفرض الذكاة الشرعية على ما يحل أكله من الحيوانات (كالأنعام والإبل والماشية) ، وبوضع العديد من الآداب والأحكام الشرعية أثناء عملية الذبح. () :
فمن ذلك ضرورة التقيد بالذكاة الشرعية ، وهي ذبح الحيوان أو نحره بقطع حلقومه (مجرى النفس) أو مريئه (مجرى الطعام والشراب من الحلق) () وينطبق ذلك على كل حيوان يحل أكله ما عدا السمك والجراد. وتكمن اهمية الذكاة في تسهيل خوج وتدفق الدم من داخل جسم الحيوان، حيث يحمل الدم داخل الجسم العديد من المركبات السامة مثل المركبات النيتروجينية (اليوريا وحمض البول والأمونيا) وغاز ثاني أكسيد الكربون ، بالاضافة إلى أنه ناقل لبعض السموم من الأمعاء إلى الكبد ، والتي قد يؤدي تناولها إلى الإضرار بصحة الإنسان وتسبيب الأمراض له.
أن يذكر اسم الله سبحانه وتعالى على الحيوان المراد تذكيته ، لقوله تعالى : {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم إياه تعبدون} الانعام (118)، وقوله جل وعلا: { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} الأنعام (121).
أن تكون الأداة المستخدمة في ذبح الحيوان حادة حتى تتم عملية الذبح بسرعة وسهولة، ولكي تقل معاناة الحيوان أثناء الذبح ، ويعد هذا الأمر سبقا حضاريا آخر في مجال التعامل مع الحيوان والرفق به وعدم تعذيبه ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدم شفرته وليرح ذبيحته" رواه مسلم عن شداد بن أوس. وفي الحث على إراحة الحيوان قبل ذبحه حكمة جليلة أظهرتها الدراسات العلمية الحديثة ، إذ أن إراحة الحيوان قبل الذبح أمر ضروري للحصول على لحم ذي طعم مستساغ، حيث يتحول الجلايكوجين الوجود في العضلات بعد ذبح الحيوان إلى حامض اللاكتيك (حامض اللبن) والذي يقوم بدور حافظ للحم ، وكذلك يعمل على تطرية اللحم حيث يقوم هذا الحامض خلال فترة تعليق الحيوان بتغيير طبيعة البروتين في اللحم مما يعمل على تطريته، وفي حال تعرض الحيوان للإجهاد قبل الذبح فإن ذلك سيؤدي إلى استنفاد كمية الجلايكوجين ، ومن ثم التقليل من تكون حامض اللاكتيك بدرجة كبيرة فلا تتم عملية التطرية بشكل جيد.
الباب الثاني
الأغذية المحرمة في الإسلام
إن من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء حفظ الدين والعقل والنفس والجنس(النسل) والمال، وقد عمد الشارع الحكيم إلى تحريم كل ما من شأنه أن يخل بتحقيق هذه المقاصد . والقاعدة الشرعية التي تحكم التعامل مع مكونات الطبيعة وما أوجده عز وجل فيها هي أن الأصل في الشيء الإباحة لقوله تعالى : { وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} الجاثية (45) ، إلا ما ورد نص على تحريمه مثل النجس وما اختلط بنجس والضار والمسكر وكل ما تأنفه النفس السوية ولا تستطيبه من الأوساخ والقاذورات ، قال تعالى : { ويسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات} المائدة (4). ويقول تعالى في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم : {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الأعراف (175).
الخمـــــــــــــــــــــــر
الخمر هو المادة الناتجة عن التخمر اللاهوائي للسكريات البسيطة الموجودة في بعض انواع الحبوب والفواكه مثل الشعير والتمر والعنب والعسل، إذ ينتج عنه تخمر هذه السكريات بفعل أنواع من الفطريات (الخمائر) انتاج مادة الكحول ، وهي مادة الإيثانول (الكحول الأثيلي). () والخمر كما عرفه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه : " ما خامر العقل" أي اختلط به فغطاه وحجبه عن العمل بصورته الطبيعية التي خلقه الله عز وجل عليها، فيصبح الإنسان مغيبا عنه نفسه وعن محيطه، فيتصرف بغير هدى من عقله ورشده، فيحصل الفساد والإفساد في الأرض .
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي. ويقول صلى الله عليه وسلم : " ما أسكر كثيره فقليله حرام" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
ونظرا لما يؤديه شرب الخمر من أضرار بالعقل والجسم وما يلحق ذلك من صد عن سبيل الله وعن الصلاة وايقاع العداوة والبغضاء ، فقد شدد الإسلام في تحريمه وغلظ في عقوبة شاربه، فقال عز من قائل: { يسألونك عن الخمر والميسر ، قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} البقرة (219) ، وقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون} المائدة (90-91) . كما شدد النبي صلى الله عليه وسلم في تحريمه والتنفير منه كل ما يؤدي إليه ومن المعاونة عليه، وجعل جزاء ذلك اللعنة ، أي الطرد من لعنة الله . فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشر: عاصرها ومعتصرها وشاريها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له".
وقد أكدت الأبحاث العلمية أن تناول الخمر يؤدي إلى العديد من الأضرار على صحة الإنسان، إذ ينتج عنه تمثيل الكحول داخل الجسم انتاج مواد كيميائية تضر بالدماغ والعضلات والكلى والكبد والقلب () ، هذا بالاضافة إلى المشاكل والأضرار الاقتصادية والاجتماعية والجمالية ، والتسبب بأمراض سوء التغذية الكثيرة ومنها:
يقلل تناول الكحول من تناول الأطعمة الأخرى التي تحتوي على العناصر الغذائية المفيدة للجسم ، فالكحول مصدر للطاقة الفارغة ويعطي الإنسان قناعة وهمية بالشبع، فيعزف عن تناول الأطعمة الأخرى.
يسبب تناول الكحول التهابات في المعدة والأمعاء والبنكرياس ، فيؤثر على عملية الهضم والامتصاص ويؤدي ذلك إلى سوء امتصاص العناصر الغذائية مثل المعادن والفيتامينات ، وخاصة فيتامينات (ب) المركبة الذائبة في الماء وفيتامين (ج).
الكحول ومخلفاته التمثيلية في الكبد تؤدي إلى تشمع الكبد الكحولي الذي يؤدي إلى الوفاة. وتشير الاحصاءات الى أنه يموت سنويا في فرنسا 25000 وفي المانيا 16000 بسبب هذا المزمن ، كما يؤدي النواتج التمثيلية إلى تقليل الإستفادة من الفيتامينات والمعادن فتحدث أعراض النقص لها مثل:
أمراض نقص فيتامين (ب 1) مثل البري بري وهبوط القلب وضعف التركيز والإبداع والالتهاب العصبي الكحولي.
مرض الحصاف ( البلاغرا) الناتج عن نقص فيتامين (ب3) (النياسين).
مرض فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين (ج) و ( (ب12) وحمض الفوليك.
أمراض نقص عنصر الزنك كالقزمة (قصر القامة) وتأخر البلوغ والنضوج الجنسي وتأخر النمو وضعف الإفرازات الجنسية والاجهاض عند الحوامل وضعف مناعة الجسم.
أمراض نقص فيتامين (أ) كالعشى الليلي وتأثر الإفرازات الجنسية.
يزيد الكحول من نسبة أطراح بعض العناصر الغذائية في البول وخاصة العناصر المعدنية الكبرى كالمغنيسوم والزنك.
(5) الكحوليون يعرضون أنفسهم لنقص المناعة ضد الأمراض.
(6) يقترن تناول الكحول بزيادة نوبات مرض النقرس.
(7) إن 90% من مرض سرطان المعدة هم من الكحوليين وان معظم حالات سرطان الرأس (اللسان وقاعدة الفم والبلعوم والمريء واللوزتين) تكون في المدمنين على الخمر.
(8) حصول التخلف العقلي والتشوه الخلقي في الأطفال الذين يولدون لأمهات مدمنات.
(9) الإسهام بفاعلية في زيادة الأمراض الصدرية وخاصة مرض السل الرئوي والالتهابات الرئوية الحادة.
(10) إن خلايا الجهاز الهضمي هي أكثر تعرضا لخطر الكحول، إذ تتأثر خلايا قشرة المخ المسؤولة عن التفكير والارادة ، كما يؤدي تناول الخمر إلى التهاب الاعصاب الطرفي المتعدد الذي يسبب شلل الأطراف العلوية (اليدين والساعدين) والأطراف السفلية (القدمين والساقين) . ومن هذا كله يظهر لنا جليا ما انطوى عليه تحريم الخمر من حكم جليلة وعظيمة، كما يظهر لنا حجم المعاناة والمأساة التي تعانيها البشرية نتيجة لابتعادها عن حكم الله عز وجل وأمره { أفحكم الجاهلية يبغون ، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} المائدة (50) ، فقد أظهر تقرير لمنظمة الصحة العالمية ، نوفمبر 1978 ، أن " مشكلة تناول الكحول في سائر أنحاء العالم هي من الأهمية بحيث تحتاج إلى عمل ضخم وسريع من قبل منظمة الصحة العالمية" وأشار التقرير إلى أن " المشكلات الناتجة عن تناول الكحول تشكل عائقا هاما في طريق التنمية الاجتماعية والإقتصادية ، باضافة إلى أنها تستهلك كل الإمكانات الصحية لتلك الدول ما لم تتخذ التدابير المناسبة". ()
الباب الثالث
الأغذية الحيوانية المحرمة
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ، وما ذبح على النصب وأن تستقسمها بالأزلام ، ذلكم فسق} المائدة (3). وقال جل من قائل: { فل لا أجذ فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس، أو فسقا أهل لغير الله به ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} الأنعام (145) . وقد أثبت العلم الحديث الكثير من الحقائق العلمية التي تؤيد تحريم هذه الأطعمة لما تتضمنه من مفاسد وأضرار على صحة الإنسان:
(1) الميتة:
وهي ما مات حتف أنفه سواء موتا عاديا أو بالشيخوخة أو بالاصابة بالأمراض أو بالذبح دون الإلتزام باذكاة الشرعية: ()
فالموت بسبب الشيخوخة ينجم عن تحلل الأنسجة وتلفها، والذي ينتج عن ضعف طبيعي في الحيوان أو عن مرض غير منظور ، فيحدث ذلك تغيرات في لحم الحيوان ويقلل من قيمته الغذائية وقابليته للهضم ، فضلا عن الأضرار المتعلقة بانحباس الدم .
أما الميتة بسبب مرض من الأمراض الفتاكة التي تصيب الحيوانات مثل السل والجمرة الخبيثة (الانثراكس) وجراثسم السالمونيلا والكلستريديوم وغيرها. فتناول لحوم هذه الحيوانات يشكل خطورة على صحة الإنسان ، لأن الميكروبات المسببة لهذه الأمراض ما تزال متواجدة ونشطة وقد تقوم بإفراز سمومها.
وقد رخص الشارع الحكيم بتناول أنواع من الميتة مثل لحوم السمك والجراد، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أحلت لنا ميتتان : السمك والجراد، ودمان : الكبد والطحال" رواه أحمد والشافعي وابن ماجة والبيهقي والدار قطني.
(2) الدم:
أي الدم المسفوح () ، إذ يعد الحيوان المسفوح من أفضل البيئات لنمو الجراثيم الضارة والممرضة ، لذلك كانت حكمة تحريم تناوله. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الدم حامل لعدد كبير من الجراثيم والسموم والفضلات الضارة الناتجة عن عمليات الأيض والتمثيل الغذائي وعمليات الهدم والبناء في الأنسجة () . ويؤدي تناول الدم عن طريق الضم إلى ارتفاع اليوريا في دم الإنسان مما قد يؤثر على المخ ويسبب الغيبوبة المفاجئة.
(3) لحم الخنزير:
والخنزير حيوان قذر يعيش على الأوساخ والقاذورات ، وهو ما تأباه النفس السوية وتعافه وترفض تناوله ، لما فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السوي الذي خلقه الله عز وجل فيه {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} التين (4). ولعل من الجدير بالذكر أن تحريم لحم الخنزير كان قطعيا في أية واحدة، بينما كان تحريم الخمر تدريجيا ونزلت آيات تحريمه على ثلاث مراحل، ولعل هذا الأمر يرجع إلى طبيعة العرب آذاك إذ كان الخمر من أكثر الأمور شيوعا في حياتهم ، وكان من الصعب على النفس البشرية التي اعتادت عليه أن تقلع عنه قطعيا خلال فترة وجيزة وبدون تدرج، أما بالنسبة للحم الخنزير فقد كان التحريم قطعيا بغير تدرج لأن العرب لم يكونوا قد تعودوا على تناوله بشكل مستمر.
وقد أجمع العلماء على تحريم جميع أجزاء الخنزير، وذكر الآية للحم الخنزير هو من باب المجاز اللغوي ، إذ أطلق الله عز وجل الجزء ( وهو اللحم) وأراد الكل ( وهو جميع الخنزير) ، لأن اللحم هو الجزء الأهم والمأكول من الخنزير ، وقد أثبت العلم الحديث الحقائق التالية المتعلقة بلحم الخنزير: ()
يعد لحم الخنزير من أكثر أنواع اللحوم الحيوانية التي تحتوي مادة الكوليسترول الدهنية ، والتي تقترن زيادتها في دم الإنسان بزيادة فرص الاصابة بتصلب الشرايين واحتشاء عضلة القلب. كما أن تركيب الأحماض الدهنية في لحم الخنزير تركيب شاذ غريب يختلف عن تركيب الأحماض الدهنية في الأغذية الأخرى، مما يجعل امتصاصها أسهل بكثير من غيرها في الأغذية الأخرى وبالتالي زيادة كوليسترول الدم.
يساهم لحم الخنزير ودهنه في انتشار سرطان القولون والمستقيم والبروتستاتا والثدي والدم .
بسبب لحم الخنزير ودهنه الإصابة بالسمنة وأمراضها التي يصعب معالجتها.
بسبب تناول لحم الخنزير الحكة والحساسية وقرحة المعدة.
بسبب تناول لحم الخنزير الاصابة بالتهابات الرئة والناتجة عن الدودة الشريطية ودودة الرئة والتهابات الرئة الميكروبية.
وتتمثل أهم مخاطر تناول لحم الخنزير في احتواء لحم الخنزير على الدودة الشريطية وتسمى تينياسوليم التي يصل طولها إلى 2-3 متر. ويؤدي نمو بويضات هذه الدودة في جسم الإنسان فيما بعد إلى الإصابة بالجنون والهستيريا في حال نمو هذه البويضات في منطقة الدماغ، وإذا ما نمت في منطقة القلب فإنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات قلبية ، ومن أنواع الديدان الأخرى التي تتواجد في لحم الخنزير دودة التريكانيلا الشعرية الحلزونية المقاومة للطبخ والتي قد يؤدي نموها في الجسم إلى الإصابة بالشلل والطفح الجلدي.
(4) ما أهل لغير الله به:
ويحرم الإسلام أكل كل ما ذبح لغير الله أو ذكر عليه غير اسم الله عز وجل، يقول الله تبارك وتعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} الأنعام (121) ، وهذا الأمر يؤكد ارتباط غذاء الإنسان بعقيدته وأنه جزء من منظومة العبودية لله عز وجل، فالأكل من غير ما ذبح لله دليل على موافقة الأكل لهذا الأمر وإقراره عليه.
(5) المنخنقةوالموقوذة والمتردية والنطيحة :
والمنخنقة: هي التي تخنق فتموت.
والموقوذة: هي التي ضربت بعصا أو بحجر فقتلت.
والمتردية: هي التي تردت من مكان عال فماتت.
والنطيحة: هي التي تنطحها أخرى فتقتلها. ()
والحيوانات في مثل هذه الحالات لا يحل أكلها لأنها ماتت أو قتلت بغير الذكاة الشرعية التي تساعد على خروج الدم الضار من الجسم، ولذلك فهي تحمل الجراثيم الضارة وتؤدي إلى الإصابة بالأمراض ، لذلك كانت حكمة تحريم أكل هذه اللحوم.
(6) ما أكل السبع إلا ما ذكيتم:
والمقصود به هو ما جرحه الحيوان المفترس () ، وتبقى جزء من جثته بعد أكل كفايته منها. ولما كانت الحيوانات المفترسة عادة ما تأكل الجيف الحاملة للجراثيم الممرضة، فإن هذه الجراثيم تنتقل إلى الفريسة الجديدة عن طريق الحيوان المفترس ، فيسبب ذلك حصول الأمراض عن أكل لحومها.
وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام حرم أكل لحوم الحيوانات المفترسة والجارحة التي تتغذى على لحوم حيوانات أخرى، مثل السباع والقطط والكلاب، بالاضافة إلى الطيور الجارحة مثل الصقر والنسر والعقاب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله حرم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير" رواه الإمام مالك في الموطأ. وتتميز لحوم هذه الحيوانات بالشدة والقساوة بسبب شد العضلات في جسمها وكبر ححمها ، وذلك لتناسب مع حاجاتها في ملاحظة ومهاجمة الحيوانات ومصارعتها والتغلب عليها لافتراسها ، فيصعب لذلك هضم وبلع هذه اللحوم والاستفادة منها.
(7) تحريم الجلالة :
والجلالة: هي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها حتى يتغير ريحها . فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرب لبن الجلالة ، رواه الخمسة إلا ابن ماجة . وإذا ما حبست الجلالة بعيدا عن العذرة وعلفت علفا طاهرا وطاب لحمها جاز أكلها وذهب اسم الجلالة عنها. ()
(8) تحريم المستخبثات والمستقذرات :
يقول تعالى : { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الأعراف (157) . والطيبات هي ما تستطيبه النفس وتستلذه من غير ورود نص في تحريمه ، فإن استخبثته فهو حرام. ويدخل في الخبائث كل مستقذر مثل البصاق والمخاط والعرق والمني والروث والقمامة، والقمل والبراغيث والحشرات الضارة ونحو ذلك. ()
الباب الرابع
الأغذية المحللة في الإسلام (الطيبات من الرزق)
إن الله عز وجل خلق الإنسان واستخلفه في الأرض، وهيأ له من السبل والوسائل ما تعينه على القيام بحقوق العبودية وواجبات الاستخلاف. فكان أن جعل الله عز وجل للإنسان الطيبات من الرزق، والتي من خلالها يتعرف على نعم الله وعطاياه، ويتمكن من التمتع والتطيب إلى جانب التزود بما يحتاجه جسمه من مغذيات ، قال تعالى : { وفي الأرض قطع متجاورات ، وجنات من نخيل وأعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} الرعد (4) . وقد اشتملت آيات القرآن الكريم على ذكر العديد من الأغذية الطيبة التي تمتاز باحتوائها على العناصر الغذائية اللازمة لنمو الجسم وصيانته ووقايته من الأمراض. ولم يقتصر الأمر على ذكر هذه الأطعمة ، بل تعداه إلى القسم بها، وهو ما يدل دلالة واضحة على أهمية هذه الأطعمة وفائدتها الغذائية والصحية ، وإلا فلم يقسم الله عز وجل بها، فالعظيم لا يقسم إلا بما هو عظيم ، قال تعالى : { والتين والزيتون} التين (1) .
وفيما يلي نبذ عن بعض هذه الأطعمة الطيبة : ()
(1) اللبن (الحليب):
قال الله تعالى : { وإن لكم في الأنعام لعبرة ، نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين } النحل (66) . وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزيء من الطعام والشراب إلا اللبن" أخرجه الترمذي وابو داود وابن ماجة وقال الألباني حديث صحيح.
(2) عسل النحل:
قال تعالى : { وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال أكنانا ومن الشجر ومما يعرشون، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا ، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} النحل (68-69). وقد ورد في الصحيحين من حديث أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي يشتكي بطنه، وفي رواية استطلق بطنه، فقال : إسقه عسلا. فذهب ثم رجع فقال : لقد سقيته فلم يغن عنه شيئا. وفي لفظ فلم يزده إلا استطلاقا مرتين ، وثلاثا ، كل ذلك ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " اسقه عسلا" . فقال له في الثالثة أو الرابعة : " صدق الله وكذب بطن أخيك".
(3) الرطب والتمر والبلح:
قال تعالى : { فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منيسا. فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا . وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا. فكلي واشربي وقري عينا} مريم (23-26). وأخرج مسلم في كتاب ألاشربة من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بيت لا تمر فيه جياع أهله" . وأخرج البخاري في كتاب الطب ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من تصبح من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر".
(4) الزيتون:
قال تعالى : { ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} النحل (11). وقال تعالى مقسما به: {والتين والزيتون} التين (1). واخرج الترمذي في الأطعمة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة" وعنه صلى الله عليه وسلم قال: " ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة" أخرجه ابن ماجة والحاكم وقال الألباني حديث حسن. وروى البحاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: " كلوا وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام".
(5) الأسماك :
قال تعالى: { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، واتقوا الله الذي إليه تحشرون} المائدة (96) . وروى الإمام أحمد وابن ماجة من حديث عبدالله بن مر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أحلت لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد والكبد والطحال" .
(6) التين:
وهو مما أقسم الله عز وجل به : { والتين والزيتون} التين (1). وذكر السيوطي في الجامع الصغير من حديث ضعيف عن أبي الدرداء قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طبق من تين ، فقال صلى الله عليه وسلم : كلوا ، وأكل منه. وقال : لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة قلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم ، فكلوا منها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس"
الفصل الثالث
اهتمام الإسلام في الغذاء
الباب الأول
الأمن الغذائي في الإسلام
لقد لفت القرآن الكريم أنظار البشرية إلى أهمية الغذاء في حياة الأمم والشعوب ، وذلك من خلال ربطه بالأمن والاستقرار السياسي. وقد تجلى ذلك المعنى من خلال سورة قريش، حيث أمتن الله عز وجل على قريش بما أفاء عليهم من نعمة الأمن الغذائي { الذي أطعمهم من جوع} ونعمة الأمن والاستقرار السياسي {وآمنهم من خوف} وجعل ذلك من النعم العظيمة التي تستحق الشكر والعبادة لله عز وجل ولا يجوز أن تقابل بالنكران { فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} قريش (4) .
ولم تغفل السنة النبوية عن ذكر أهمية الأمن الغذائي في حياة الفرد والجماعة ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ركنا ثالثا من أركان الحياة الآمنة المستقرة " من أصبح منكم اليوم آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها" رواه الترمذي عن عبيد الله بن حفص الانصاري. كما تجلت نظرة الإسلام إلى الأمن الغذائي في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنشاء سوق خاص بالمسلمين وذلك عند قدومه المدينة ، حيث كان سوق المدينة محصورا بأيدي يهود ، مما يشكل تهديدا لأمن المسلمين الاقتصادي والغذائي، ومن ثم السياسي ، وقد عمل الإسلام على وضع الأسس النظرية لتحقيق الأمن الغذائي من خلال حث النبي صلى عليه وسلم على الزراعة وإعمار الأرض وإحياء الموات من الأرض بالزراعة " من أحيا أرضا مواتا فهي له " رواه الترمذي ، " إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل" رواه أحمد عن أنس بن مالك.
فالأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من الغذاء شرط لازم لحفظ كرامة الأمة وصيانة وحدتها وحماية ديارها ولدرء تحكم الاعداء في مقدراتها وتدخلهم في قراراتها وسياساتها. ولأدل على ذلك صحة هذه النظرية مما نعايشه في هذا العصر، إذ نتج عن العجز في تحقيق الأمن الغذائي لدى المسلمين إلى اعتماد والبلدان الاسلامية على الدول الغربية ، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ، في توفير غذائها الأساسي (وخاصة القمح)، والذي أدى بدوره إلى استلاب كرامة الأمة وارتهان ارادتها تحت ضغط الدول المصدرة للغذاء. ويقدر حجم الواردات إلى العالم العربي (لوحدة) من الغذاء في عام 2000 م بـ 35 مليار دولار، في الوقت الذي تقدر به المساحات المزروعة في العالم الاسلامي بنحو 400 مليون فدان، وهي تشكل 11% من مساحة الأراضي المزروعة في العالم، وفي الوقت الذي تقدر به نسبة العاملين بالزراعة في الدول النامية (ومعظمها من الدول الإسلامية ) بين 70 إلى 85% من مجموع القوى العاملة، في حين لا يتعدى هذا الرقم 4 إلى 10% في البلدان المتقدمة. () ومن المفارقات المحزنة والمفجعة أنه في الوقت الذي يشكل فيه سكان الولايات المتحدة الأمريكية 7% من سكان العالم، فإنهم ينتجون 50% من الغذاء في العالم.
وتعد سورة يوسف – عليه السلام – من أكثر السور وضوحا ودلالة في عرض نظرية الأمن الغذائي، وقد تجلى ذلك في قصة سيدنا يوسف – عليه السلام- مع عزيز مصر والرؤية التي رآها في منامه. فقد أشارت الآيات الكريمة إلى أهمية حفظالغذاء وتخزينه بطرق مناسبة تمنع فساده، وإلى أهمية الانتاج الزراعي في توفير الأمن الغذائي، وإلى ضرورة ترشيد الاستهلاك الغذائي، وعدم الاسراف به ، بما يتلاءم مع واحتياجات السكان ، وبما يمنع حدوث المجاعة ونقص الغذاء { قال تزرعون سبع سنين دأبا، فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} يوسف (47-49).
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى السبق الحضاري والاعجاز العلمي في الآيات المذكورة، إذ اشارت إلى حفظ الغذاء في سنبله . وقد دلت الدراسات العلمية الحديثة أن الحفظ بهذه الطريقة يعد من أكثر الوسائل نجاحا ونجاعة في حفظ القمح ، حيث تعمل القشور المحيطة بحبوب القمح في السنبلة على منع مهاجمة القمح من قبل الحشرات الضارة والمؤثرات الجوية الخارجية. ()
الباب الثاني
ضبط جودة الغذاء في الإسلام
يعد الغذاء من أكثر المواد عرضة للفساد، نظرا لما يحتويه من الرطوبة والعناصر الغذائية اللازمة لنمو الأحياء الدقيقة، وذلك في حال عدم تخزينه في ظروف جيدة .
وقد احتوت بعض آيات القرآن الكريم إشارات ضمنية إلى مشكلة فساد الغذاء واحتمال تغير صفاته من لون أو طعم. فقد ورد في سورة البقرة في الآية (259) في معرض قصة صاحب القرية المهجورة {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} ، وفي قوله تعالى : {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } محمد (15) . فأسن الماء وتغير طعم اللبن كلها مؤشرات على فساد الغذاء.
وقد شدد القرآن الكريم على ضرورة إحسان اختيار الغذاء والتأكد من خلوه من الآفات عند التصدق به للفقراء والمحتاجين ، فقال تعالى : { يا ايها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما رزقناكم ومما أخرجنا لكم من الأرض، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } البقرة (267) . كما اشار القرآن الكريم إلى أن الغذاء المتوفر يتفاوت في مدى جودته وسلامة وصلاحيته ، ووجه إلى الاهتمام باختيار الغذاء المتناول، وذلك في قوله تعالى: { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا} الكهف (19، 18).
أما السنة النبوية ، فقد حفلت بالأدلة على ضرورة الحفاظ على سلامة الغذاء وجودته ومنع غشه والتغرير به ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر ذات يوم على رجل يبيع طعاما، فوضع صلى الله عليه وسلم كفه الشريف أسفل منه فوجده مبلولا فسأل البائع عن ذلك فقال: أصابته السماء (أي المطر) ، فقال صلى الله عليه وسلم : " من غشنا فليس منا " رواه مسلم وابن ماجة والدارمي، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ( وهو ما كان ظاهره يغري المشتري وباطنه مجهول) رواه الترمذي وابن ماجة واحمد والدارمي، كما نهى عن الملامسة والمنابذة (الشراء دون التعرف على السلعة المطلوب شراؤها).
وفي سيرة الخلفاء الراشدين ، كان في قصة صاحبة اللبن التي أرادت أن تخلطه بالماء خير دليل على حرص المسلمين آنذاك على عدم الغش، إذ كافأ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنة صاحبة اللبن على رفضها الغش بأن زوجها من أحد أبنائه ، وكان أن خرج من نسلهما خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه.
الفصل الرابع
الصــــــــــــــــوم
الباب الأول
صيام رمضان
الصيام عبادة قديمة فرضها الله عز وجل على أمة الإسلام كما فرضها على الأمم السابقة ، وهذا ما دلت عليه الآية الكريمة : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة (183).
وقد أثار الصيام انتباه ودهشة الأطباء منذ قديم الزمان، حيث ظل الصوم طريقة علاجية تتناقلها أجيال الأطباء. () ففي مرجع طب التبت الكبير " نشجوديش" في القرن السادس قبل الميلاد، خصص فصلا كاملا للصيام تحت عنوان " العلاج بالطعام" و " العلاج بالصوم" . وعرف المصريون القدماء الصوم ، وبشهادة هيرودوت (450 ق.م.) تبين أن المصريين القدماء كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر ، وكذلك الصوم الكبير لأكثر من شهر من كل عام . كما عرف اليونانيون القدماء فائدة الصيام فنادى (أبو قراط) باتباع الصوم لعلاج الكثير من الأمراض الباطنية والخارجية.
ومع إشراق شمس الإسلام على العالمين، فرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، وأصبح بذلك الركن الرابع من اركان الإسلام . ويعرف الصيام في رمضان على أنه الإمساك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات منذ طلوع الفجر حتى مغيب الشمس () تعبدا لله عز وجل وتقربا إليه. كما يشمل الصيام كف الجوارح عن جميع الآثام والمعاصي ، فهو بذلك عبادة روحية وجسدية ترتقي بالإنسان في صحته وروحه وقلبه.
وقد عرف أطباء المسلمين الصوم كعبادة وعلاج في آن واحد ، فكان ابن سينا يفضل الصوم على الدواء ويقول : " إنه الأرخص" ، ويصفه للغني والفقير ، وإبان الحملة الفرنسية في مصر في القرن 18 م ، اتبعت المستشفيات الصيام كعلاج لمرض الزهري، حيث عدوا الصيام قاتلا للجراثيم المسببة للمرض. ()
ومع إطلالة القرن العشرين ، ومع تزايد وتطور أساليب البحث العلمي، فقد حاز الصيام في رمضان على جانب كبير من اهتمام الأطباء والباحثين ، نظرا لما يتضمنه الصيام في رمضان من تغير وتحول في نمط استهلاك الغذاء خلال فترة زمنية محددة ( 29-30 يوما) ، إذ يستدعي ذلك التغير حصول تحولات في مسارات الأيض والتمثيل في الجسم، وحصول تغيرات حيوية تؤثر على صحة الإنسان وجسمه بشكل واضح وملموس. وفيما يلي عرض موجز لأهم التغيرات الايجابية التي تنجم عن الصيام في شهر مضان:
(1) تأثير الصوم على الجهاز العصبي (التأثيرات النفسية والعصبية):
إن المتأمل في فلسفة الصيام في الإسلام يجد أنه لا يعدو عن كونه عملية تربوية تتم فيها تربية النفس وتهذيبها والارتقاء بها عن الولوغ والإغراق في إشباع الشهوات والغرائز، كما أن أدبيات الصيام وأخلاقه تلزم المسلم بالابتعاد عن مظاهر الغضب والانفعال ، عملا بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل : اللهم إني صائم" متفق عليه. وهذا يؤدي بالمسلم إلى الشعور بالسكينة وطمأنينة القلب وانشراح الصدر، فتخرج النفس من ضيق وشدائد الحياة اليومية ومشاكلها ومن ضغوط الحياة وتعقيداتها ، إلى سعة الصدر وانشراح النفس والرضا، وهو ما يؤدي إلى شفاء وتحسن العديد من الإضطرابات والأمراض النفسية والعصبية مثل الاكتئاب والقلق والهوس. () وفي دراسة أجراها الدكتور درادكة في الأردن عام 86-1991 ، تبين أن نسبة الإنتحار خلال شهر رمضان المبارك قد انخفضت بشكل ملحوظ، وذلك بسبب تأثير الجو الإيماني والروحاني لشهر الصيام.
(2) تأثير الصيام على الجهاز الهضمي:
في شهر رمضان تقل حركة الأمعاء وتقل إفرازات العصارة الهضمية والمعوية وغيرها، وبذلك تطول فترة راحة الجهاز الهضمي وتتحسن الكثير من الأمراض المرتبطة بالجهاز الهضمي والتي من أخطرها السمنة ، والأمراض ذات العلاقة بالضغوط النفسية والعصبية مثل تهيج القولون والانتفاخات والتهابات المعدة المزمنة. () ومن أهم الفو