العالمى المدير العام
الجنس : الدولة : الهواية : المزاج : العمل : عدد المساهمات : 2067 تقييم : 19 تاريخ التسجيل : 18/06/2011
| موضوع: بحث كامل عن حقوق الانسان السبت نوفمبر 26, 2011 10:06 pm | |
| مفاهيم في حقوق الانسان
لاشك أن قضية حقوق الإنسان تأخذ في الزمن الحاضر أبعاداً مختلفة لكن هذه الأبعاد تكاد تجمع على أهمية هذه الحقوق كأساس لبناء الديمقراطية في المجتمع. إذ أن هذه الحقوق تُصادَر أو تُنتهَك في الدول التي يغيب عنها الأساس الشرعي للحكم، وتعتمد فيه السلطة على الاستبداد والغلبة والقهر. ويمكن القول أن ما يثير الجمهور الواسع بشكلٍ أكبر في مفهوم الديمقراطية اليوم هو بالذات ما تسعى قضية حقوق الإنسان إلى نشره، أي تنمية المواطنة والاعتراف بها كمنبع لحقوق الأفراد الثابتة، والتي حصل التراجع عنها بسبب ظروف الاستبداد التي مرّت بها المجتمعات النامية. وبينما تحقق قضية حقوق الإنسان الكثير من المكاسب على المستوى العالمي، فإنها تتخلف كثيراً على المستوى الوطني. إذ تعرضت حقوق الإنسان في العراق لكثير من الامتهان والعدوان على مر التأريخ، ولعل ذلك عائد إلى ميل الحكام إلى تجاوز حدودهم والتعسف بسلطاتهم متجاوزين المباديء السامية التي جاءت بها الديانات السماوية، لاسيما الشريعة الإسلامية الغراء. ومع أن الغالبية العظمى من الدول تعترف اليوم بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتنص عليها بدساتيرها وقوانينها، فان مشكلة احترام هذه الحقوق تبقى قائمة من حيث التطبيق وتتطلب العديد من الضمانات التي تكفل هذا الاحترام. والواقع أن اعتراف الدول بحقوق الإنسان لم يأتِ بسهولة ويسر، إنما جاء نتيجة كفاح طويل لبني البشر أدى في النهاية إلى تضييق سلطة الدولة في التدخل في شؤون الأفراد واعتراف القانون الوضعي الداخلي بهذه الحقوق أولاً ثم جاء اعتراف القانون الدولي. وفي هذه الدراسة حاولنا بحث موضوع حقوق الإنسان وتطورها التاريخي، وفقاً لمنظور السوسيولوجيا (علم الاجتماع). مؤكدين ضرورة تنمية الوعي بحقوق الإنسان العراقي الذي واجه من استبداد وقهر الحكومات ما سلبه كل حقوقه، ولكن الأكثر منه ضرورة هو ممارسة هذه الحقوق وضمانها للأفراد والجماعات، والدفاع عنها.
أولاً ـ تحديد مفهوم (حقوق الإنسان Human Rights)
إن مشكلة التعريف بالمفاهيم وتحديدها تُعَّد من المشكلات الأساسية في التحليل الاجتماعي. إذ إن تعدد وتداخل التعريفات للمفهوم الواحد، يخلق قدراً من الاضطراب واللبس عند استعمال مثل هذه المفاهيم([1]). فـ (الحقائق الاجتماعية Social Realities) مع أنها تخضع للملاحظة العلمية، ويسـتعان بالحواس في تشخيصها وتحديدها، إلاّ أن الباحث الذي يسعى إلى وصفها أو تحليلها أو وضع المبادئ النظرية عنها، يجد نفسـه مضطراً إلى صبّها في عبارات مجردة ترتقي إلى مسـتوى الفكر الفلسـفي والاجتماعي الرمزي([2]). إن مفهوم (حقوق الإنسان) أصبح شائع الاستخدام في الأدبيات السياسية الحديثة وفي الخطاب السياسي المعاصر بشكل عام، وإن كانت العديد من الكتابات التي استخدمت هذا المفهوم لم تهتم بتأصيله، بل أصبح لشدة شيوعه يستعمل بدون تمحيص وكأنه لا مجال لمراجعته، لذا فمن المهم قراءة المفهوم في أصوله الغربية ومقارنته بوضع الإنسان وحقوقه وواجباته في مجتمع العراق. وعلى الرغم من أن مفهوم (حقوق الإنسان) حديث نسبياً - إذ يرجع إلى الربع الأخير من القرن الثامن عشر - ولكن حداثة هذا المفهوم لا تعني بالضرورة جدةّ مضمونه. إن حقوق الإنسان كمضمون سابقة لظهور هذا المفهوم وذلك بقرون وقرون، بل يمكن القول إن عبارة (حقوق الإنسان) كمضمون ترجع إلى ذلك الوقت الذي ظهر فيه كل من مفهوم (الإنسان) ومفهوم (الحق)، وهو وقت لا يمكن تحديده ولا تخمين بداية له. لذا فمن المهم تحديد مفهوم (حقوق الإنسان) وقراءته لغةً واصطلاحاً. 1) حقوق Rights - لغةً: المفرد في العربية هو (الحق) ضد الباطل، وهو بمعنى الثابت والواجب المقتضي، والجمع (حقوق). والفعل منه (حقَّ) بمعنى ثبت ووجب، يقال (هو أحق به) بمعنى أجدر، ويقال (كان حقاً له في مال أبيه) أي نصيبه وحظّه من ذلك المال، فالحق في المال تعني النصيب. و(الحاقة) هي القيامة لأنها تفصل بالحق وتحق كل مجادل في دين الله بالباطل فتحقه أي تغلبه. و(الحقيقة) الواقعة الثابتة التي تتطابق مع الواقع الموضوعي، والجمع حقائق(). وفي العربية أيضاً يرتبط مفهوم (الحق) بمفهوم (الواجب) ارتباط تناوب وتلازم، ولا يتخصص معنى أي منهما إلا بحرف الجر. وهكذا فالفعل: (حق له) يفيد معنى (وجب له)، تماماً مثلما أن (حق عليه) هو بمعنى (وجب عليه)، أو ثبت عليه. وأغلب ما ورد في القرآن من فعل (حق) جاء متعديا بحرف (على) ليفيد ثبوت الشيء ولزومه ووجوبه. من ذلك مثلاً قوله تعالى: ((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فـحق عليها القول فدمّرناها تدميرا))(). - اصطلاحاً: يقصد بها الميزات أو المصالح أو الحريات التي يتوقعها الفرد أو الجماعة من المجتمع أو من الدولة وبما يتفق مع معاييرهما. والحقوق من وجهة نظر القانون هي السلطة التي يخولها القانون لشخص لتمكينه من القيام بأعمال معينة تحقيقاً لمصلحة له يعترف بها القانون(). كما يمكن تعريفها على أنها المعايير الأساسية التي لا يمكن للبشر أن يعيشوا من دونها بكرامة كناس. إن حقوق الإنسان هي أساس الحرية والعدالة والسلام، وإن من شأن تفعيلها واحترامها أن يتيح إمكان تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة(). 2) الإنسان Human - لغةً: الأصل في العربية من (أنِس) و(أُنس) ضد توحَّش. و(تأنّس) صار إنساناً. فـ (الإنس) هو الواحد والجمع (أناس). و(الإنسان) البشر للذكر والأنثى، أي غير الجن والملائكة(). - اصطلاحاً: ويطلق على أفراد الجنس البشري، باختلاف أجناسهم وأثنياتهم وألوانهم ودياناتهم وطوائفهم. و(الإنسانية) ما اختص به الإنسان. وهي مرحلة متقدمة من حيث ارتفاع وسمو أخلاق البشر، قياساً بالمراحل السابقة للنوع الإنساني، والتي كان فيها البشر يقتربون في حيواتهم من الحيوان، من حيث ارتباطهم بالطبيعة ومن حيث قيم التعامل بينهم واعتمادهم قيم حياة الوحشة والغاب. إن ظهور مفهوم (الإنسان)، بأية لغة كانت، لا بد أن يكون متأخراً بما لا يقاس عن وجود الإنسان، ذلك أنه يتطلب وجود لغة يُمارَس فيها التجريد، وبالتالي يتطلب مستوى من التفكير يتم فيه التمييز بين الإنسان وغيره من الكائنات. وهذا التمييز يتطلب وعياً بالفوارق، كأن يعي الإنسان الفرق بينه وبين الحيوانات الأخرى. وعلى الرغم من أن فكرة (الحق) قد ظهرت هي وفكرة (الواجب) في وقت واحد، وذلك لعلاقة التلازم والتضايف القائمة بينهما، وهي علاقة ما زالت حية قائمة في معاجم اللغة العربية التي تعنى بالبحث في أصل الكلمات، وكما يظهر ذلك جلياً في الآية القرآنية الكريمة: ((ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المِؤمنين))(). ويشرح الزمخشري هذه الآية بقوله: (حيث جعلهم- يعني المؤمنين - مستحقين على الله أن ينصرهم، مستوجبين عليه أن يُظهِرهم ويظفرهم) ويورد في هذا المعنى حديثاً للنبي (ص) جاء فيه: (ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة) وفي حديث آخر أن الرسول (ص) سأل معاذاً: (يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً). وواضح أن هذا النوع من التلازم والتناوب بين (الحق) و(الواجب) يفيد أن ما يجب على طرف هو حق للطرف المقابل: فما يجب على الله هو حق للإنسان، وما يجب على الإنسان هو حق لله. لكن هل يخضع مفهوم (حقوق الإنسان) لهذه المعادلة بين الحقوق والواجبات ؟ - إن مفهوم (حقوق الإنسان) لا يستدعي أي مقابل ولا أي عوض. فـ (حقوق الإنسان) بالمعنى المعاصر هي حقوق له من حيث هو إنسان وليس من حيث أن عليه واجبات(). إن المفهوم العصري لـ (حقوق الإنسان) متحرر من التقيّد بعلاقة التلازم القائمة بين الحق والواجب، علاقة (المقايضة) التي عرضنا لها آنفاً، ذلك أنه إذا كانت فكرة (الحق)، على المستويين القانوني والأخلاقي، تستدعي فكرة (الواجب)، لكونها تعبر عن علاقة بين الناس، أو بين الفرد والمجتمع، يكون فيها (الحق) كنوع من العوض لـ (الواجب)، فإن مفهوم (حقوق الإنسان) لا يستدعي أي مقابل ولا أي عوض. فـ (حقوق الإنسان) بالمعنى المعاصر هي حقوق له من حيث هو إنسان وليس من حيث أن عليه واجبات(). في مرحلة سابقة من القرن الماضي كان تعريف مصطلح (حقوق الإنسان) يقول بأنها تلك الحقوق التي تضمنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان (وتتألف من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين). ولكن مع مرور السنوات أخذت المواثيق والصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان تعلن بصراحة أكثر الحقوق المبسوطة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. وأصبح تعريف (حقوق الإنسان) الآن ينطوي على قدر أكبر من التفاصيل ومن التخصيص. ولذلك فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يمد حماية أكبر إلى الضعفاء من الأفراد والجماعات ويشمل ذلك الأطفال والمجموعات الأصلية من السكان واللاجئين والأشخاص المشردين والمرأة. وفضلاً عن ذلك وسّعت بعض مواثيق وصكوك حقوق الإنسان هذا التعريف بصياغة حقوق جديدة(). فتعريف مفهوم (حقوق الإنسان)، وفقاً للتعريف الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1989: ((هي تلك الحقوق المتأصلة في طبيعتنا، والتي لا يمكن بدونها أن نعيش كبشر، فحقوق الإنسان والحُريَّات الأساسية، تتيح لنا أن نُطوِّر وأن نستخدم بشكل كامل، صفاتنا البشرية وذكاءنا ومواهبنا ووعينا؛ وأن نلبي احتياجاتنا الروحية وغيرها من الاحتياجات، وتستند هذه الحقوق إلى سعي الجنس البشري المتزايد، من أجل حياة تتضمن الاحترام والحماية للكرامة المتأصلة والقيمة الذاتية للإنسان))(). وباختصار ينبغي النظر إلى مصطلح (حقوق الإنسان) في الوقت الحاضر بوصفه يشمل كلاً من الحقوق المعرفّة تقليدياً في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وكذلك الحقوق التي يضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فضلاً عن ذلك فإن معايير حقوق الإنسان تعتبر الآن قابلة للتنفيذ ضد بعض الأطراف من غير الدولة، أو أنها على الأقل تجعل الحكومات مسؤولة عن منع بعض مخالفات حقوق الإنسان من جانب الأفراد(). ولكن من المهم أن يلاحظ أن الإشراف في كثير من عمليات الأمم المتحدة لرصد حقوق الإنسان يمكن تعريفها بالإشارة إلى حقوق الإنسان الأكثر أهمية في بلد بعينه. ثانياًً ـ خصائص حقوق الإنسان: إن حقوق الإنسان هي ضمانات قانونية عالمية تحمي الأفراد والمجموعات من إجراءات الحكومات التي تتدخل في الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية. ويُلزم القانون العالمي لـ (حقوق الإنسان) الحكومات بفعل أشياء معينة ويمنعها من فعل أشياء أخرى. ومن بين سمات حقوق الإنسان التي يُستشهد بها أكثر من غيرها ما يلي: 1) إن حقوق الإنسان لا تشترى ولا تكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك للبشر لأنهم ناس .. فحقوق الإنسان متأصلة في كل فرد من أفراد المجتمع الإنساني. وهي مُلزمة التطبيق في جميع الدول. إذ تلزم الدولة والعاملين باسمها بتطبيقها. 2) إن حقوق الإنسان عالمية، فهي واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي. فقد ولد جميع البشر أحرار ومتساويين في الكرامة والحقوق. فهي تحمي الفرد والجماعة. 3) إن حقوق الإنسان لا يمكن التنازل عنها أو انتزاعها، فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو عندما تنتهك الحكومة تلك الحقوق والقوانين. فحقوق الإنسان ثابتة وغير قابلة للتصرف. إذ أنها تحظى بالضمانات الدولية. 4) إن حقوق الإنسان متساوية ومترابطة غير قابلة للتجزؤ. ذلك أنه كي يتمتع الإنسان بحقوقه وجب أن يعيش ويحيـا، فله حق الحياة. كما يجب أن يعيش الإنسان بكرامة، مثلما يحق له أن يتمتع بالحرية والأمن، وبمستويات معيشـة لائقة
()David Nachmias and Chava Nachmias, Research Methods in the Social Sciences (New York: St. Martin's Press, 1981), pp. 32-33. () قيس النوري وعبد المنعم الحسني: المصدر السابق، ص 15 () المنجد في اللغة والأعلام، بيروت، دار المشرق، الطبعة السادسة والعشرون، 1986، ص144 () القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية 16 () المنجد في اللغة والإعلام، مصدر سابق، ص144 () منظمة العفو الدولية: دليل تعليم حقوق الإنسان، موقع المنظمة على الإنترنيت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] () المنجد في اللغة والأعلام، المصدر السابق، ص19 () القرآن الكريم، سورة الروم، الآية 47 () محمد عابد الجابري: هوامش حول موضوع حقوق الإنسان: الحق والواجب أم الحقوق الطبيعية، موقع أمان، 18 يناير (كانون الثاني) 2005، () محمد عابد الجابري: المصدر السابق () انظر على سبيل المثال الإعلان الخاص بحقوق المعوقين، قرار الجمعية العامة 3447 (د 30 )، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الثلاثون، الملحق رقم 34، الوثيقة A/10034 (1975) وإعلان الحق في التنمية، قرار الجمعية العامة 41/128، المرفق، 41، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الملحق رقم 53، صفحة 186، الوثيقة A/41/53 (1986). () عبد الرزاق الدواي: حقوق الإنسان بين الأخلاق والسياسة، موقع أمان، 2 فبراير( شباط) 2005، () انظر: أندرو كلافام، حقوق الإنسان في المجال الخاص، في دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان الصادر عن مفوضية حقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، نيويورك-جنيف، 2001، ص (95-133) () منظمة العفو الدولية: المصدر السابق، ص (4-5) | |
|